ثالثا الأشكال

الأشكال أكثر تعقيدا من النقطة أو الخط المنفرد وهي على ما نعتقد أكثر العناصر التشكيلية أمتاعا وأهمية وتحديا لقدرة الفنن ونحن نعتبر الوحدات أو الهيئات في التصوير والرسم أشكالا ذات بعدين أما الأثاث والخزف والنحت مثلا فأشكال ذات أبعاد ثلاثة ... يمتلك
آلاف من الناس القدرة على التشكيل أما بأيديهم أو استخدام الآلات ولكنهم غالبا ما يعتقدون في ذلك التشكيل على النقل من أمشق أو كتالوجات أو من أعمال فنية سابقة ولذلك فهم ينقلون الأشكال ولا يبتكرونها والأشكال المنقولة لا توائم غالبا المكان الذي توضع فيه
ناحية النسبة ولا من ناحية الإحساس الفني ... ويمكن لأحد أن يعرف كل شيء عن الشكل بقراءة قليل من صحائف كتاب ولكن هذه القراءة تعطيه بعض الإرشادات ومن أهمها ما يلي :

أولا :
يجب على الشخص إن يعني بالأشكال الموجودة حوله ونقصد بالوعي لا مجرد الادراك الحسي بل الاهتمام بها وبتركيبتها فعلى سبيل المثال حاول أن تجمع بعض حصوات الأحجار كتلك التي يقذفها النهر أو البحر ضعها في راحة يدك ثم أطبق عليها وحاول أن تتحسس ملمسها بأصابعك
مرور أصابعك بهدوء على سطوحها قد تحس منها ملمس الشمع حاول أن تتأمل أحدى هذه الحصوات بنظرة طويلة واحترام لكيانها واعتزاز بها وعندئذ سيغمرك شعور بإحساس جديد بجمال شكلها ، هذا الشعور سوف تحتفظ به لا شعوريا وتسترجعه ثم حاول أن ننظر إلى الكرسي ، لا ككرسي
بل كشكل في فراغ وكذلك حاول أيضا أن تنظر إلى أيادي العدد والآلات بنفس هذه النظرة فأنك سوف ترى فيها جمالا شكليا يضاهي جمال قطعة أو أي عمل فني آخر ..

ثانيا :
كن واعيا بأستخدام الشكل إذا كانت لهذا الشكل وظيفة فعلى سبيل المثال قطع الاثاث لها وظيفة فالهدف من إنتاج كرسي ن يجلس فيه شخص جلسه مريحة اننا جميعا نشاهد كراسي قد تتسع لشخص يجلس فيها وتتحمله ولكن ركاكة تكوينها تعطينا احساسا بعدم استطاعتها القيام بهذه
الوظيفة فإذا جلسنا عليها نجلس بحذر ولا نستقر في الجلوس نجلس على حاقة القاعدة خوفا من تفكك اجزائها وشائع ايضا الكرسي الذي يريح الجالس ، مع أنه ركيك الشكل ولذلك يرفض صاحبه إن ايرميه هذا النوع من الاثاث يخدم وظيفته المادية ولكنه لا يؤدي وظيفته الجمالية
والخطأ الشائع في الاثاث الذي ينتجه الإنسان لنفسه في منزله هو المبالغة في ابعادها يفقدها احيانا تناسبها الفني .

ثالثا :
كن واعيا بتناسب اجزاء الشكل وحجمه وخصوصا إذا كان مجسما فكثيرا ما يقودنا حرصا على طول عمر الشيء إن نبالغ في مبناه فيبدو غليظا وقد قدم لنا الصانع والاسكندنافي في الحديث والصانع المصري القديم في العصور الماضية حلا لتلك المشكلة فبعض قطع الاثاث عندهم
كأنها قطعة نحت تجمع بين الجمال ودقة الصنعة وأداء الوظيفة ..

إن المشكلة الشائكة التي تواجه المبتدئين في التصميم ذي البعدين هي ابتكار الأشكال المناسبة وكثيرا ما يتساءل بعض المبتدئين كيف ينشئون تصميما متعللين بعدم اجادتهم للرسم ونحن ننصحهم بتجربة قص الأشكال من ورق الجرائد باستخدام المقص ونحن على ثقة بأن هؤلاء
الذين يظنون انهم ضعاف في الرسم سيبتكرون بهذه الطريقة اشكالا اجمل لأن الصعوبة التي تواجه المبتدئين في الرسم هي اتجاههم في إنشاء الأشكال إلى أشكال أو وحدات صغيرة منمنمة مضطربة مستغرقتين في التفاصيل السطحية التي لا فائدة منها لجهور الشكل أو لبناء
التصميم وفي راينا أن تجربة إنشاء الأشكال بواسطة المقص من ورق الجرائد تحول بينهم وبين هذه النمنمة وبين الاستغراق في التفاصيل السطحية ، لأن نصلي المقص الطويلين تتجهان بحكم تركيبتها نحو إنتاج منحنيات كبيرة وأشكال رشيقة جميلة والجرائد بطبعها خامة مستهلكة
تساعد بل تشجع على خلق اتجاه من الاطمئنان والتجريب الحر .

أنواع التكوينات

وقد تقسم التنظيمات الأشكال إلى نوعين تنظيم مفتوح وآخر مقفول ، ففي التصميم المفتوح يبدو الشكل أو الوحدة ممتدا وراء إطار الصورة فلو كان هناك اختلاف كبير بين الأشكال والأرضية الخلفية من حيث اللون وقيمة أو نوعية الأشكال فأن هذه الأشكال قد توجه العين بقوة
إلى خارج الصورة ولذلك يجب التقليل من هذا الاختلاف بينها عندما يقرب الشكل من الإطار وقد يجد المبتدئ في ذلك صعوبة لأن هذه العملية تتطلب مهارة كبيرة ومن المهم في هذا التصميم توازن الشكل الذي يأخذ العين إلى خارج التصميم بشكل آخر يعود بعين المشاهد إلى
داخل التصميم مرة أخرى أما في التصميم المقفول فأن الإطار يحتوي كل الحركة الناشئة عن الشكل أو الوحدة وقد تلمس الأشكال الإطار وتبدو كأنها دعامات تشد الإطار . إن الأشكال الإيجابية هي التي يود الفنان أن يظهرها بمعنى أنها الأشكال التي يقوم عليها التصميم
وعندما توضع هذه الأشكال الموجبة متجهة إلى الخارج في تصميم إشعاعي مغلق تنتشر فيه الأشكال من وسط التصميم متجهة إلى الخارج فأن المساحات التي حولها تصبح مساحات سالبة لها ما للأشكال الموجبة من أهمية ونحاول دائما في التصميم ذي البعدين أن نربط بين مقدمة
الصورة والأرضية الخلفية لكي نحافظ على سطح التصميم لأننا لا نريد أن يحس الرائي بفجوات بصورية في الصورة أو في قطعة التطريز أو الموزايك أو الطباعة ونستطيع تحقيق هذا الربط بوضع كميات قليلة من ألوان الشكل في الأرضية . وقد اقترح أحد الفنانين طريقة قد تكون
نافعة لدراسة الأشكال السالبة والموجبة وذلك كما يلي ضع قطعة شفاف فوق تصميم من الأعمال الفنية الخالدة وحاول تحديد الخطوط الخارجية للأشكال بقلم رصاص ناعم 2بي ثم ظل المساحات الغامقة والمتوسطة بدرجتين مختلفتين من القلم الرصاص وأترك الأشكال الفاتحة دون
تلوين وتغاض عن تفاصيل الموضوع لأنها تشتت الانتباه ثم ضع هذه الشفافة على ورقة بيضاء وحاول أن تتعرف على الأشكال الموجبة والسالبة فيها وحاول ايضا إن تتكرر هذه العملية في أكثر من تصميم خالد لترى الفرق بينها ويلاحظ أننا لا نقصد بشف التصميم نقله وانما
دراسته للتعرف على نواحي للقوة فيه وأعمال الفن المصري والجوكو من خير الأعمال التي تساعد في مثل هذه الدراسة وتبدو العلاقة القوية بين الأشكال السلبية والموجبة في أي عمل فني ممتاز اشكالا مترابطة في بناء ايقاعي متماسك . ويزكي بعض الفنانين العلماء أن
نستزيد في هذه الدراسة بمحاولة اخرى هي : قص هذه الأشكال على ورق ملون بلون واحد من ثلاث درجات وحاول أن تقوم بتنظيم هذه الأشكال وترتيبها في تصميمات جديدة مختلفة عن تصميم العمل الممتاز الذي نقلتها عنه حينئذ سوف تجد أنه من الصعب أن تجد تنظيما آخر لهذه
الأشكال أصلح من تنظيم الفنان العظيم ولكنه تجربة ممتعة على أي حال . وتنشأ الحيوية بين الأشكال عن طريق اسلوب تنظيمها كما اشرنا إلى ذلك في تنظيم النقط ، ويجب إن نتذكر أن الأشكال مقاومة تنبعث منها ونستطيع أن ندرك ذلك لو اننا صورنا كرة القدم في اللحظة
التي يضربها فيها اللاعب بصورة فوتوغرافية مكبرة ثم درسنا هذه الصورة فنجد أن جزءا من الكرة قد انبعج من ضربة القدم واختلف شكل الكرة عن الشكل الدائري التقليدي المعرف لنا . إن هذا المثال لمقاومة كرة القدم لضربة اللاعب وتأثير هذه المقاومة على شكلها يساعدنا
في فهم ما يبدو لنا من احساس بالضبط أو المقاومة الخارجية التي يبديها الشكل المحدب والاحساس بالمقاومة من الداخل التي يبديها الشكل المقعر وواجب المصمم أن يعمل على ايجاد التوازن بين هذه المقامات المختلفة التي نحسها من الأشكال الحرة غير المنتظمة ونحن نقول
ذلك لأنه قاعدة فنية وضعها العالماء لأنشاء التصميمات ولكن لأنه حقيقة مادية يحسها الإنسان حتى في داخل جسمه وخصوصا اذا كان انسانا حساسا لما يحيط به من الأشكال